تتجلى عظمة الخالق في صنع الإنسان وقوامه في أحسن صورة. لكل عضو في جسم الإنسان فائدة في تكوين الشكل والهيئة والمساعدة على ممارسة النشاطات اليومية بشكل سليم. قد يفكر البعض في ما هي أهمية الغضاريف أو لماذا هي متواجدة؟ والسبب في ذلك يكمُن في أنه منذ الصغر يعرف الطفل أهمية العضلات وإنه لأمرٌ ضروري أن يأكل حتى تكبر عضلاته؛ وعلى هذا يشبّ الطفل وهو يجهل ما هي الغضاريف؟ ما وظائفها؟ هل هي أنواع؟ هل معرضة للإصابة مثل العضلات؟ وهذا ما سوف نذكره في هذا المقال.
ما الغضروف؟
الغضروف هو نسيج ضام، صلْب، سميك يغطي نهايات العظام عند نقطة التحامها مع العظام الأخرى لتكوين المفصل. وهو بمنزلة درع الحماية التي يقع بين العظام لامتصاص الضغط الذي تتعرض له المفاصل خلال الحركة. يؤدّي الغضروف دورًا هاماَ في حماية العظام والمفاصل وامتصاص الصدمات الواقعة عليهم. إنها أيضًا الأنسجة الرئيسية في بعض أجزاء جسمك وتعطيها بنيتها.
ماذا يوجد داخل الغضروف؟
يتكون الغضروف من شبكات بروتينية تسمى الكولاجين، وتمتلئ هذه الشبكات بالماء وتعمل كالإسفنج فمَا أن يتعرض الغضروف لوزن أو ضغط يقع عليه، تُعتصر المياه وتخرج من هذه الشبكة، وسرعان ما تعود المياه إلى الداخل. بالإضافة إلى الألياف المرنة والخلايا الغضروفية.
لا تحتوي الغضاريف على أعصاب أو أوعية دموية أو أي معادن؛ ولهذا السبب قد يُشفى الغضروف وينمو أبطأ من الوقت المتوقع أن تأخذه الأنسجة الضامة الأخرى حتى تلتئم.
تتم التغذية للغضاريف عن طريق وسيلة الانتشار بواسطة النسيج المحيط بالغضروف الذي يُعرف ب "سمحاق الغضروف".
ما وظائف الغضروف في جسم الإنسان؟
- امتصاص الصدمة: عند تحركك واستخدام عظامك ومفاصلك يمتص الغضروف القوة ويقلل من مقدار الضغط الواقع عليهم. تمامًا كالفرق بين القفز لأعلى ولأسفل وأنت حافي القدمين، والقفز وأنت ترتدي حذاء مخصص للجري! يعمل الغضروف مثل الوسادة الموجودة في حذائك الرياضي داخل مفاصلك وحول عظامك.
- تقليل الاحتكاك: الغضروف يشحم مفاصلك، ويساعد عظامك على تجاوز بعضها البعض دون الفرك أو الاحتكاك ببعضها. يتيح ذلك للمفاصل العمل بسلاسة كما ينبغي ويقلل من احتمال تمزقها أو قطعها.
- دعم وتكوين بعض أجزاء الجسم: يساعد الغضروف على الحفاظ على شكل المفاصل في أثناء الحركة. كما أنه يربط الأنسجة الأخرى معًا؛ تتصل العضلات والأوتار والأربطة بالغضروف في جميع أنحاء الجسم.
الغضروف هو أيضًا النسيج الرئيسي في بعض أجزاء الجسم بما في ذلك:
-الأنف.
-الآذان.
-القصبة الهوائية.
أنواع الغضاريف
1- غضاريف زجاجية : أكثر الأنواع انتشارًا في جسم الإنسان. توجد في نهاية العظام التي تٌكوّن المفاصل، وبين الضلوع، وفي الممرات الأنفية.
2-غضاريف ليفية: مثل الغضروف المفصلي في الركبة، الأقراص بين الفقرات في العمود الفقري، وبين عظام الحوض والورك.
3- غضاريف مرنة: توجد في الأذن الخارجية، والحنجرة.
التهاب الغضاريف
يمكن أن يحدث تلف والتهاب الغضروف فجأة نتيجة صدمة أو إصابة رياضية، ولكن يمكن أن يتراكم أيضًا الالتهاب على مدار السنين وينتج عنه هشاشة العظام. الضرر أو التلف للغضروف يؤثر على استخدام المفاصل بالطريقة التي اعتاد الشخص عليها.
بعض الإصابات الرياضية الأكثر شيوعًا التي قد تؤدي إلى تلف الغضروف في المفصل: تمزق الغضروف المفصلي أو الكتف المنفصل.
أكثر الأعضاء الغضروفية التي قد يصيبها التهاب الغضاريف هي الأنف، الأذن الخارجية، والقصبة الهوائية، وقد يصيب العين، وصمامات القلب، والمفاصل.
كما انه شائع بين الجنسين ومن الممكن حدوثه خلال مختلف الفئات العمرية، لكنه يظهر أكثر في الفئة العمرية التي تتراوح من 40 إلى 60 سنة.
يحدث التهاب الغضاريف في شكل مفاجئ على هيئة نوبات تتكرر من انتفاخ وألم في العضو المصاب واحمرار شديد وخصوصًا في صِوَان الأذنِ إذ يتنقل إلى الأذن الوسطى فيصيبها بالتهاب وقصور في السمع والدوار، وفي الحالات الصعبة التي يُهمل علاجها قد ينتج التهاب الغضاريف ضرر ملحوظ في صِوَان الأذنِ.
غضروف الظهر والرقبة:
مع الوقت والتقدم في العمر يحدث انخفاض في مستويات السوائل في الأقراص بين فقرات الظهر. يمكن أن يحدث تلك نتيجة حمل الأوزان الثقيلة، الحركات المفاجئة للخصر، والجلوس أو الوقوف لفترات طويلة. عمومًا نمط الحياة قليل الحركة، أو كثير الجلوس، وممارسة رياضات صعبة أو غير مناسبة قد يؤدي إلى انزلاق غضروف الظهر أو الرقبة.
أعراض انزلاق الغضروف
- ألم يشعر به المريض ممتد من الساق إلى الخصر في حالة حدوث الانزلاق أسفل الظهر في الفقرات القطنية.
- ألم الرقبة ممتد إلى الذراع؛ إذا كان الانزلاق في منطقة الرقبة.
قد لا تتفاقم هذه الأعراض عند كل المرضى المصابين بالانزلاق الغضروفي، حيث أنه من الممكن في البداية أن يكون المرض غير مؤلم نهائيًا أو أن يكون ألم موضعي فقط إما أسفل الظهر أو في فقرات الرقبة. يمتد الألم عادةً عبر الأجزاء الخلفية من الساق
إلى الركبة أو الورك، وقد يصل إلى الكعب أحيانًا في حال إصابة الفقرات القطنية بالانزلاق. أما في حال الانزلاق الغضروفي في فقرات الرقبة يشعر المريض بألم يمتد عبر الذراع والكتف إلى الكف والساعد والأصابع. في اللحظات خاصةً التي تزيد الضغط على العمود الفقري كالعطس والسعال والتوتر.
التشخيص
- يمكن تشخيص إصابة الغضاريف بواسطة معرفة التاريخ المرضي للشخص المُصاب، إلى جانب الفحص العصبي والبدني.
- استخدام وسائل التصوير مثل الرنين المغناطيسي أو الأشعة السينية أو التصوير المقطعي. قد تستلزم بعض الحالات فحوصات عصبية تعرف بالتخطيط الكهربائي.
العلاج
يمكن علاج معظم حالات الالتهاب ولانزلاق الغضروفي دون الحاجة إلى تدخل جراحي. أما إذا كانت نتيجة الانزلاق فقدان هائل في الكتلة العضلية أو سلس في البراز والبول هنا قد يحتاج المريض إلى تدخل جراحي فورًا.
الخطوة الأولى في علاج انزلاق الغضاريف هي الراحة، ومن الممكن أن تضر الراحة على المدى الطويل بالمصاب ألا أنه من الضروري الحفاظ على الراحة لضمان نجاح العلاج.
تستخدم مسكنات الألم وأدوية إرخاء العضلات لعلاج فتق أسفل الظهر أو فتق الرقبة. يمكن أن تُستخدم أدوية الكورتيكوستيرويدات تحت إشراف المُعالج إذا استلزم الأمر. استخدام طوق الرقبة قد يكون أمرًا ضروريًا مؤقتًا.
إذا لم تجني الأساليب السابقة ثمارها فعادةً ما ينصح الطبيب المُعالج بالعلاج الطبيعي في صورة تطبيق الموجات فوق الصوتية، العلاجات الساخنة، العلاج بالليزر ذو الكثافة العالية، الإبر الجافة، والتدليك؛ لتقوية العضلات واستعادة قوامها.
توجد أيضًا طرق علاج داعمة ومكملة :
- الوخز بالإبر.
- العلاج العصبي.
- الحجامة.
- العلاج بالأوزون في حالة الإصابة بفتق الرقبة.
- تخفيف الضغط على العمود الفقري.
الحفاظ على نهج حياة صحي، اتباع أسلوب مرن للتعامل مع الجسد، وممارسة الرياضة بشكل مستمر؛ للحفاظ على صحة الغضاريف والمفاصل لم تعد أمورًا ثانوية في زمن كثُرت فيه الضغوطات اليومية وأصبح الإنسان مُطالب بالمزيد من السعي والإنتاجية حتى يحظى بالحياة المثالية التي يريدها.
تعليقات
إرسال تعليق
شاركنا بتعليقاتك