لطالما شعرتُ بالرغبة في التنفيس عمّا بداخلي، والتعبير عن مكنونات النفس، كحالِ كل شخصٍ منّا، فلا يخفى علينا حاجة الإنسان الدائمة لإيجاد وسيلة يستطيع من خلالها سكب همومه والتعبير عن مشاعره باختلافها، ومن أهم هذه الوسائل عند العرب على مر العصور هي "الشعر"، فما المقصود بالشعر عند العرب؟ وما هي بدايته؟ هذا ما سنعرفه في هذا المقال.
تعريف الشعر العربي
من الصعب اختزال الشعر في تعريف واحد وذلك لتعدد معانيه تبعًا لزمانها،
ولأنواعه في مختلف اللغات، فالشعر يعد صورة فنية يعبر بها الشاعر عما يدور بداخله،
فيختلف باختلاف الشعراء وشخصياتهم وظروفهم الاجتماعية والبيئية، ولكن بعض
التعريفات قد تعطيه معنى متكاملًا، ومنها ما قاله ابن منظور في تعريفه للشعر
العربي "هو منظوم القول غلب عليه؛ لشرفه بالوزن والقافية، وإن كان كلّ علم
شعرًا"، وعرّفه الفيومي بأنه "النظم
الموزون، وحده ما تركّب تركبًا متعاضدًا، وكان مقفى موزونًا، مقصودًا به ذلك، فما
خلا من هذه القيود أو بعضها فلا يُسمّى شعرًا ولا يُسمّى قائله شاعرًا".
وعلى هذا فلا بد من توافر أربعة شروط في الشعر؛ المعنى، الوزن، القافية، والقصد.
نشأة الشعر العربي
يمكننا القول بأن تتبُّع ولادة الشعر العربي حتى أن وصل إلينا؛ مهمة صعبة
جدًا، حيث أن الإنسان لم يتقيد بوزن أو قافية في بداية الأمر، بل كان شِعره
مرتبطًا بأصوات غنائية مبهمة، وكان ما يميز بينه وبين النثر؛ تلك النبرات المخرجة
مخارج الغناء.
مراحل تطور الشعر العربي
كان الشعر العربي قبل الإسلام معروفًا عندهم بديوان العرب، فلم يجدوا علمًا أصح لهم منه، واستمر على كونه فنًا لا غنى عنه على الرغم من أنواع الفنون الأخرى التي نافسته مثل الخطابة وغيرها.
١- الشعر الجاهلي
احتل الشعر مكانة هامة جدًا عند العرب، فكان يرفع من شأن قبيلة بوجود شاعر
فيها، ويحط من قيمة أخرى.
وعلى الرغم من عدم وصول معظم الشعر الجاهلي إلينا كما أشرنا سابقًا؛ إلا أن
ما تبقى يعتبر أرقى أنواع الشعر حتى وقتنا هذا، ويشير إلى ما مر به من أطوار عديدة
حتى ارتقى إلى هذه الصورة البليغة بمفرداتها الغنيّة.
ومن أشهر القصائد في العصر الجاهلي هي قصائد أطلق عليها اسم المُعلّقات،
والسبب في تسميتها؛ أنها عُلقت على الكعبة.
ومن أبرز شعراء هذا العصر (أصحاب المعلقات):
امرؤ القيس، النابغة، زهير، طرفة بن العبد، لبيد، عنترة، عمرو بن كلثوم،
الحارث بن حلزة، الأعشى، عبيد بن الأبرص.
٢- الشعر في عصر الإسلام
عندما جاء الإسلام يدعو إلى القضاء على العصبية الجاهلية، وإلى جمع كلمة العرب؛ هجر الشعراء الكثير من الأغراض الشعريّة والتي كانت تتنافى مع تعاليم الإسلام، ومن أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم: «لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحًا حتى يريه خير من أن يمتلئ شعرًا»، وهنا يقصد الرسول صلى الله عليه وسلم شعراء قريش أولئك من شغلهم الهجاء والأذى، وغلب الشعر على قلوبهم فانصرفوا عن الدين.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبدي إعجابه بالشعر ويستحسنه، فقال صلى الله عليه وسلم: «إن من الشعر لحكمة»، ومن أقواله: «أصدق كلمة قالها شاعر قول لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل».
وكان الشعر، في صدر الإسلام، وسيلة من وسائل الدفاع عن رسالة الإسلام ضد
مشركي قريش، فقام الإسلام بتغيير خصائصه عن طريق توظيف المعاني من أجل خدمته.
ومن أبرز شعراء العصر الإسلامي:
حسان بن ثابت، كعب بن زهير، عبد الله بن رواحة، الخنساء، كعب بن مالك.
٣- الشعر في العصر الأموي
يدل الموروث الشعري من هذا العصر على أنه من أكثرعصور الأدب ازدهارًا، فبعد
ما مر به الشعر من فترة ركود؛ عاد إلى رونقه مجددًا بعد قيام الدولة الأموية.
وبسبب كثرة المفاخرة بين الشعراء وتعدّد الأحزاب السياسيّة، ظهر لونًا
جديدًا من الشعر وهو الشعر السياسي.
ومن شعراء هذا العصر:
جرير، الفرزدق، عمر بن أبي ربيعة.
٤- الشعر في العصر العباسي
أصبحت الدولة العباسية رائدة في مجال الأدب بسبب دعم العباسيين واهتمامهم الشديد بالشعر والشعراء، فقام الشعراء بالتجديد المتميز لموضوعات الشعر المختلفة، مما أدى إلى تطوير الشعر في كل جوانبه.
ومن شعراء هذا العصر:
أبو نواس، المتنبي، بشار بن برد، أبو تمام.
كانت تلك أبرز المراحل التي مرّ بها الشعر العربي، ولكن دائمًا للحديث بقيّة، فإذا كنت مهتمًا بالشعر والأدب بشكل عام؛ كن مستعدًا للمزيد من المقالات.
تعليقات
إرسال تعليق
شاركنا بتعليقاتك