القائمة الرئيسية

الصفحات

من هو فرعون؟ وهل هو إسم أم لقب؟!

فرعون
كلمة فرعون هي صيغة ساميّة لكلمة «پر-عا» المصرية والمعنى الحرفي لها هو البيت (پر) العظيم (عا) , وهو ما يبدو للوهلة الأولى أنه إشارةٌ لمقر حكم الملك المصري.

ولكن هل استعمل المصريون أنفسهم هذا المصطلح للإشارة إلى ملوكهم؟
مبدئياً كلمة «پر-عا» كانت موجودة وتم استعمالها بالفعل ولكن لم تكن الوحيدة وذلك لأن هناك عدّة مصطلحات كانت تؤدي نفس الغرض , منها مثلاً:
(نِسوت): معناها الحرفي , المنسوب للبردي -إشارة لمصر العليا-
(نِسوت بيتي): معناها الحرفي , المنسوب للبردي والنحل -إشارة للقطرين-
ولكن «پر-عا» وردت في نصوص مصرية مختلفة تعود لعصر الدولة الحديثة وما بعدها وأصبحت مع الوقت مستخدمة بشكل واضح للإشارة للملك , وهذه بعض المقتطفات: 
• نص من عصر الدولة الحديثة يقول صاحبه:"لم أغادر قصر الفرعون حتى أتى پانحسي"
ووردت جملة (قصر الفرعون) بهذا الشكل في النص الأصلي (پر-عا) , وهو ما يعنى أن «پر-عا» مُستخدمة بشكل واضح للإشارة إلى شخص الملك نفسه.
وورد هذا المصطلح عدة مرّات في نصوص ديموطيقية أيضاً.
• ونص آخر, يقول:
"فور أن يصلك خطاب الفرعون، سيدك"
ونجد أيضاً المؤرخ الإغريقي هيرودوت يستعمل نفس المصطلح للإشارة لأحد الملوك المصريين في كتابه (تاريخ هيرودوت) , وورد بهذه الصيغة (Φερῶν) يُنطق (فيروين)
• نص آخر أيضاً يتحدث عن شخص يُدعى «هوي» قام بسرقة شيء من مقبرة الـ(فرعون) , ومن البديهي أن كلمة پر-عا هنا إشارة لشخص الملك الذي سُرقت مقبرته
• ومن مشاهد معركة قادش والصراع المصري-الحيثي، نجد نصاً يصف مشهداً على إحدى الجداريات ويقول:
"وصول كشافة (فرعون)،  يقتادون إثنين من كشافة الجيش الحيثي بحضور (فرعون)."
وهنا ذُكرت (فرعون\پر-عا) كإشارة واضحة لشخص حضر هذه الأحداث.
• نص آخر كُتب بالديموطيقية يعود لعصر بطليموس الرابع، ذكر إسم الملك بهذا الشكل (في السنة.... لـ الفرعون بطليموس)
• نص يُؤرّخ لعصر بطليموس السادس يقول:
"في السنة الـثالثة عشر، آخر يوم من شهر أبيب، توجه (الفرعون) مباشرةً لمنف."
ويقول أيضاً: "حيث كان من المناسب إعطاء الرسالة المذكورة أعلاه لـلـ(پر-عا) -الملك- ، والـ(پر-عا.ت) -الملكة-"
وتأنيث الكلمة هنا لهو دليل دامغ على أنها يمكن أن تؤدي وظيفة مصطلح (ملك\ملكة)
والمقصودان هنا هما بطليموس السادس وكليوباترا الثانية
• نص ديموطيقي يقول: "طهر الفرعون نفسه للاحتفال"
كل هذه النصوص أعلاه ورد فيها مصطلح «پر-عا» كإشارة للملك نفسه وليس قصر الحكم (على عكس المعنى الحرفي للكلمة).

استعمال اللقب
مع حلول عصر الاضمحلال الثالث ومنذ عهد الأسرة الـ21 وبالتحديد في عهد الملك (سي-آمون) بدأ مصطلح «پر-عا» يُستعمل بشكل رسمي للإشارة للملك المصري وظلّ يستخدم على هذا النحو حتى نهاية الحضارة تقريباً.

كما أن كلمة «پر-عا» تطورت في المرحلة القبطية لتصبح «پيروي\Ⲡⲉⲣⲟⲓ»
ووردت تركيبة (پر پرعا) سالفة الذكر في المرحلة القبطية أيضاً بهذه الصيغة (پِري پيروي\ Ⲡⲉⲣⲓⲡⲉⲣⲟⲓ) وهي بنفس المعنى (قصر الفرعون)
وهو ما يؤكد على إستمرارية إستخدام الكلمة والتأكيد على أنها إشارة للملك

إذاً فالنتائج النهائية كالتالي:

• كلمة فرعون صيغة ساميّة لـ«پر-عا» المصرية , وهو مصطلح اُستعمل للإشارة لملك مصر وليس اسماً لشخص محدد.

• استعملت عدّة شعوب هذا المصطلح بصيغ مختلفة للإشارة لملك مصر.

• استعمل المصريون أنفسهم هذا المصطلح للإشارة لملوكهم وتطور فيما بعد.

فببساطة استخدام مصطلح (فرعون\فراعنة) للإشارة لحاكم\حكام مصر ليس خطأً سواءً على المستوى اللغوي أو حتى التاريخي (على الأقل في فترة الدولة الحديثة وما بعدها) , لأن الكلمة في الأساس مصرية وكانت مستعملة في نصوص مصرية وغير مصرية للإشارة لحاكم مصر

كما أننا وضحنا من النصوص المصرية نفسها بشكل قاطع أن (فرعون) لقب لعدّة أشخاص وليس اسماً لشخصية محددة.
النقطة الأخيرة التي تتطلب التوضيح وهي أن مصطلح (فراعنة) يُمكن إطلاقه على الملوك فقط ولن يتعدى ذلك.
فلا يمكننا أن نطلق على الشعب "فراعنة" لأن المحكوم لا يأخذ صفة الحاكم.
ولا يمكن تسميتها حضارة فرعونية لنفس السبب , فنحن نقول مثلاً حضارة رومانية وليس "قيصرية" , فباختصار كلمة (فراعنة) مقتصرة فقط على الملوك.

أقاويل أخرى

قال الباحث الأثري أحمد نورالدين، إن هناك العديد من الأدلة فى القرآن الكريم والآثار التاريخية التى تؤكد أن كلمة "فرعون" فى الحضارة المصرية القديمة هى اسم شخص بعينه وليس لقبًا، مشيرًا إلى اعتقاد علماء الآثار أن كلمة "برعا" التي ظهرت في عصر الأسرة الـ18 بداية من عصر الملك تحتمس الثالث وتعني البيت الكبير هي لقب وليس اسمًا.

وقال إن من الدلائل التى تؤكد أن فرعون اسم وليس لقباً هو أن ملوك مصر القديمة قد اتخذوا ثلاثة ألقاب منذ عهد بداية الأسرات، ثم أضافوا بعد ذلك لقبين آخرين لتصل إلى خمسة ألقاب ليس بينها "برعا".

وقال نورالدين - فى تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم - إنه تم العثور على كلمة (pr c3) وتعنى "برعا" أو "فرعون" داخل الخرطوش الملكي في كثير من المعابد، مشيرًا إلى أن الاسم فقط فى الحضارة المصرية القديمة هو الذي يكتب داخل الخرطوش، منوها بأنه قام بنشر كافة تلك الآراء والأدلة في كتابه "فرعون موسي وخروج بني إسرائيل" الذى صدر عام 2011.

وأرجع حدوث هذا الخلط فى اعتقاد البعض بأن "فرعون" لقب الحاكم فى مصر القديمة وليس اسما، إلى العادة في إطلاق الألقاب على ملوك العالم القديم فعلى سبيل المثال يطلق على ملوك الفرس لقب كسري على الرغم أن من تسمى بذلك هو ملك من ملوكهم ، ثم اعتادوا بعد ذلك على تسمية كل ملك فارس بكسري، كذلك قيصر وهو اللقب الذي أطلق على ملوك الرومان على الرغم من أن أحدهم وأشهرهم قد سمي قيصر «سيسر» ثم أطلق اللقب بعد ذلك على الملوك الرومان وأصبحوا (قياصرة) وهو نفس الأمر بالنسبة لملوك الحبشة الذين لقبوا بلقب النجاشي علماً بأن أحدهم تسمى بالاسم نفسه هو النجاشي.

ذكر فرعون في القرءان

وبالنسبة للدلائل فى القرآن الكريم، قال أحمد نورالدين أنها كثيرة ومنها أن كلمة فرعون في القرآن نجدها نكرة «غير معُرفة»، مما يدل أنه اسم علم وليس لقباً أو صفة أو منصباً "مثل الملك أوالإمبراطور"، ولقد تم ذكر اسم هذا الحاكم «فرعون» 74 مرة في القرآن الكريم كلها نكرة بدون "أل" فى دلالة واضحة على أنه اسم شخص بعينه، كما لم يرد مطلقا في القرآن جمع فرعون على صيغة فراعنة أو فراعين، مما يؤكد أنه اسم وليس لقبًا.

وأشار إلى أن اسم فرعون جاء فى القرآن مع أسماء أشخاص آخرين، فالنبى موسي عليه السلام توجه برسالته مخاطباً ثلاثة أشخاص أحدهم اسمه فرعون والثاني يسمي هامان والثالث اسمه قارون، وفى الآية 104 من سورة الأعراف (وقال موسي يا فرعون إنى رسول من ربِ العالمين ) فلو كان فرعون لقباً لقال موسى يا أيها الفرعون مثلما قال يوسف{ يا أّيها العزيز مسنا وأهلنا الضر} سورة يوسف آية 88.

ولفت إلى أنه رغم مجيء الأنبياء إبراهيم ويعقوب ويوسف عليهم السلام لأرض مصر ومعاصرتهم لحكام في عصورهم إلا أنه لم يطلق على أي من هؤلاء الحكام لقب الفرعون، فالحاكم الذي عاصر إبراهيم عليه السلام أطلق عليه "الملك"، والحاكم الذي عاصر يوسف عليه السلام أطلق عليه "الملك" في خمسة مواضع، وهناك أيضاً العزيز، بينما الحاكم الذي عاصر موسي عليه السلام أطلق عليه "فرعون" (74 مرة في القرآن) بدون – ال – التعريف فى اشارة واضحة إلى أنه اسمه المجرد «فرعون» وليس لقباً.

وأوضح أنه حتى فى التوراة التي خلطت كثيرا بين ملك مصر وفرعون، تقول فرعون ملك مصر، أو فرعون المتربع على العرش، "قل لفرعون ملك مصر أن يطلق بني إسرائيل من أرضه" (الخروج6)، والمقصود هنا هو شخص اسمه «فرعون» المتربع على عرش مصر، لافتًا إلى أن التوراة قد ذكرت ملكًا مصريًا آخر وهو "شيشق" (شاشانق) وهو أقل من فرعون موسى أهمية فكيف للتوراة أن تغفل ذكر اسم من ساماهم سوء العذاب وتذكره بلقبه وليس باسمه.

فرعون الخروج

"قد ثبت كما يقول القرءان أن بدن فرعون الخروج قد نجا، أياً كان هذا الفرعون فإنه اليوم في صالة المومياوات الملكية بالمتحف المصري في القاهرة، ميسرة رؤيته للزائرين."

هذه الكلمات كتبها العالم والطبيب الفرنسي الشهير موريس بوكاى، المتوفى سنة 1998، في كتابه "الكتاب المقدس والقرٱن والعلم" وهو من القلائل الذين واتتهم الفرصة لفحص اثنتين من مومياوات أهم وأشهر فراعنة مصر (رمسيس الثاني وابنه مرنبتاح) اللذين انتهت بحوث تاريخية وٱثارية عديدة إلى أن "فرعون الخروج" ليس إلا واحداً منها.

ورغم أهمية الدراسات التي أنجزها بوكاى وٱخرون ممن استدلوا بقرائن تاريخية وأثرية عديدة، فضلاً عن نتائج الفحص الطبي والمخبري للمومياوات، فإن استنتاجتهم بشأن حقيقة الشخصية _التي ربما تكون أشهر _ طاغية في التاريخ، لا تكاد تجدى صدى في واقع مصر المعاصرة.



تعليقات

التنقل السريع