وجدت الحدود لتكون الحاجز بين الفرد والذنب
أو بين الفرد والجريمة، لكي تكون وسيلة من الوسائل التي تمنع عن ارتكاب الباطل،
وتمنع من حدوثه أو انتشاره، الحدود سواء وضعها الله على عباده أو وضعها الفرد فهي
تهدف إلى الحماية وتحقيق الردع بين الناس.
تعريف كلمة الحدود: -
كلغة:
·
ممتنع باطل
·
الحاجز بين شيئان
·
المنع
شرعاً:
·
حدود الله، عقوبة
مقدرة في الشرع؛ لأجل حق الله.
·
قيل: عقوبة مقدرة
شرعاً عن معصية، لتمنع من الوقوع في مثلها أو من مثل الذنب الذي شرع له العقاب.
الحدود في الإسلام: -
وجود الحدود في الإسلام؛ من أجل الردع، حيث أن النفس
البشرية تميل إلى الملذات والشهوات، لو تركت للناس لأنتشر الفساد في الدين والعقل
والمال والنفس والنسل، أوجب الإسلام بالحد.
قال الله تعالى: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا﴾ [187].البقرة:
أنواع الحدود في الإسلام: -
·
الزنا
·
الحرابة
·
القذف
·
السرقة
·
الخمر
·
الردة
أولاً: حد الزنا
جماع في فرج امرأة من
غير ملك ولا شُبهة.
·
إذا كان هناك شُبة كمن
جامع امرأة ظناً منه إنها زوجته فلا يعد زنا.
الشروط:
أن يكون في الفرج ولا
يتحقق إلا بالجماع الكامل.
أما لو كان من غير
إدخال فهو مُحرم ولا يعد زنا، في هذه الحالة تكون عقوبة التعزيز هي عقوبة مشروعة بغرض
التأديب عن معصية، لا حد فيها أو كفارة أو فيها حد إذا توافرت الشروط، الأدنى:
النصح والهجرة والتهديد والأقصى: الحبس والجلد.
ثبوت الزنا:
·
الإقرار
·
الاعتراف
·
الشهادة
الشهادة على الزاني
والزانية بأربع شهود عدول.
فقد
ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "خُذُوا عَنِّي، خُذُوا
عَنِّي، قَدْ جَعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلًا؛ الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ
مِئَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ، وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِئَةٍ وَالرَّجْمُ".
حالات الزنا:
الزاني المحصن: شخص متزوج ومارس الزنا مع
امرأة اجنبية ولو لمرة في حياته وينطبق كذلك على المرأة المحصنة.
العقوبة: الرجم حتى الموت.
الزاني غير محصن (البكر): شخص غير
متزوج ومارس الزنا مع امرأة أجنبية وينطبق كذلك على المرأة غير محصنة.
العقوبة: جلد مئة جلدةٍ وأن يغرب عن
بلده سنة هجرية.
ثانياً: حد الحرابة
قطع الطرق وإثار الرهبة لدي
الناس وأخذ أموالهم وقتلهم.
قال
الله -تعالى-: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ
وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ
تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ
ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ).
عقوبة الحرابة:
تختلف حسب الأذى، لها عقوبات
متعددة.
· القتل: يقتل ويصلب / من قتل يقتل.
· سرقة المال: قطع القدم اليسرى واليد اليمنى.
· أرعب الناس: ينفي من البلاد.
ثالثاً: حد القذف
من رمى شخص برئ بزنا أو لواطٍ
أو نفى نسب موجب للحد.
وجوب القذف في ثلاث أحكام:
أنجبت امرأة ولداً، ويعلم
أنها حاضت ثم طهرت لم يجامعها في ذلك الطهر عليه قذفها؛ من أجل نفي نسب الولد.
التخيير في حالة وجد الرجل
امرأته مع رجل أخر، مخير بين قذف أو الستر عليها وطلاقها، إذا رأى رجل امرأةً أو
رجلاً يمارسوا الزنا ومعه أربعة شهود عدول.
التحريم:
في حالة الافتراء أو الكذب.
مثل: من شاهد رجلاً أو امرأةً في
حالة زنا ولا يوجد معه أربعة شهود عدول.
قال
الله -تعالى-: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ
الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ
ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَـئِكَ هُمُ
الْفَاسِقُونَ).
العقوبة:
· يجلد ثمانين جلدة
· لا تقبل شهادة أبداً
· يحكم علية بالفسق
رابعاً: حد السرقة
أخذ مال ملك الغير وحرز مثله
على وجه الاختفاء.
العقوبة:
· قطع اليد
· إرجاع المسروق
قال
الله -تعالى-: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا
جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّـهِ وَاللَّـهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
شروط المال المسروق حتى تقطع
يده:
· مال حلال
فمن سرق الخمر لا تقطع يده
· أن يبلغ ربع دينار من الذهب الصافي
· أن يكون المال في حرز السارق ومحفوظ
خامساً: حد الخمر
كل ما أتخذ من العنب أو التمر
أو الشعير وأُسكر الكثير أو القليل.
تعريف المُسكر: كل ما يخامر
العقل.
ما رأي العلماء في عقوبة شرب
المُسكرات؟
ج: ما بين أربعين إلى ثمانين جلدة.
استدلوا بما ورد عن
أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ، فَجَلَدَهُ بِجَرِيدَتَيْنِ
نَحْوَ أَرْبَعِينَ، قَالَ: وَفَعَلَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ اسْتَشَارَ
النَّاسَ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَخَفَّ الْحُدُودِ ثَمَانِينَ، فَأَمَرَ
بِهِ عُمَرُ".
سادساً: حد الردة
رجوع المسلم العاقل والبالغ
عن الإسلام إلى الكُفر، باختياره دون إكراه من أحد، تعد من أسوء أنواع الكفر
وأشده.
حالات الردة:
القول: شتم الدين أو الذات الإلهية.
الفعل: السجود لغير الله.
الاعتقاد: من ينكر نبوة أحد الأنبياء.
إذا أستتاب المرتد فلا عقوبة
له، تكون العقوبة القتل إذا لم يتُب
لقول
رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ".
الحكمة من تشريع الحدود: -
تحقيق الردع والصد عن ارتكاب
الجرائم، تحقيق الاستقرار في المجتمع، تطهير المذنب من ذنبه، اتفق الفقهاء على أن
الحد عن طريق الحاكم أو ما ينوب عنه.
وَعَنْ عُبَادَةَ
بْنِ الصّامِتِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: "أَخَذَ عَلَيْنَا رَسُولُ الله
صلى الله عليه وسلم كَمَا أَخَذَ عَلَى النّسَاءِ: أَنْ لاَ نُشْرِكَ بِالله
شَيْئاً، وَلاَ نَسْرِقَ، وَلاَ نَزْنِيَ، وَلاَ نَقْتُلَ أَوْلاَدَنَا، وَلاَ
يَعْضَهَ بَعْضُنَا بَعْضاً فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى الله، وَمَنْ
أَتَى مِنْكُمْ حَدّاً فَأُقِيمَ عَلَيْهِ فَهُوَ كَفّارَتُهُ، وَمَنْ سَتَرَهُ
اللهُ عَلَيْهِ فَأَمْرُهُ إلَى الله، إنْ شَاءَ عَذّبَهُ، وَإنْ شَاءَ غَفَرَ لَه" <متفق
عليه>
الحدود في القانون المصري: -
يمثل الحد القانوني في مجموعة
من الأسُس والقواعد، التي تحكم المجتمع والفرد التي تساعد على تنظيمهم، وضع الجزاء
المناسب لمن يتعدى تلك الحدود القانونية، يتم وضع الحدود عن طريق هيئات تشريعية أو
ما تصدره السلطة التنفيذية من لوائح وقوانين.
وجود الحد القانوني مهم في
الحياة الاجتماعية التي نعيش فيها هو الشيء الفاصل بين الفرد والجريمة، الحد
الموجود في قانون العقوبات الذي ينظم معاقبة كل فرد يتعدى لحدود القانون الذي شرع
له المشرع، تحديد الأفعال المباحة والمحرمة وفقاً للقانون العقوبات.
سنتحدث عن بعض الجرائم
المشتركة بين الشريعة والقانون منها: الزنا والسرقة والقتل.
الزنا في القانون المصري:
أن تكون الزوجة في عصمت زوجها،
ليست مطلقة بائنة أو رجعية، الزواج صحيح ومثبت بوثيقة رسمية، يتم رفع الدعوى بناء
على توكيل لمحامي أو إقامتها من قبل الشخص نفسه، لا تقام الدعوى إلا بشكوى من شريك
الحياة، المدة تكون ثلاث أشهر من وقت العلم بالجريمة ومرتكبها.
عقوبة الزنا وفقاً للقانون
المصري:
بالنسبة للزوج: حيث نصت المادة رقم 277 من قانون
العقوبات رقم 58 لسنة 1937: "كل زوج زنى في منزل الزوجية وثبت عليه الأمر
بدعوى الزوجة يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن 6 أشهر".
بالنسبة للزوجة: حيث نصت المادة 274 من
قانون العقوبات المصري رقم 58 لسنه 1937 "المرأة المتزوجة التي ثبت
زناها يحكم عليها بالحبس مدة لا تزيد على سنتين لكن لزوجها أن يوقف تنفيذ هذا
الحكم برضائه معاشرتها له كما كانت".
السرقة في القانون المصري:
·
كل من
أختلس منقولاً مملوكاً لغيره فهو سارق.
تنقسم
إلى:
السرقة
بالإكراه:
·
السرقة
تحت تهديد السلاح ينتج عنها أثار الرعب لدي الشخص الأخر.
نصت
المادة 314 من قانون العقوبات المصري "أن يعاقب بالأشغال
الشاقة المؤبدة، كل من ارتكب السرقة بالإكراه، سواء في وسائل المواصلات أو الطرق
العامة، وفي حالة إصابة المجني عليه المعرض للسرقة بجروح، فتتحول الجريمة من جنحة
سرقة إلى جناية".
السرقة
بدون إكراه:
·
استيلاء
على ممتلكات الغير أو ارتكاب جريمة سرقة مال الغير دون وجه حق، تعد جنحة.
نصت المادة 318 على "أن يعاقب المتهم
بالحبس مع الشغل مدة لا تتجاوز الثلاث سنوات"
القتل في القانون المصري:
· إنهاء حياة شخص من قبل شخص
أخر.
تنقسم إلى:
القتل العمد:
نصت المادة 230 على "أن كل من قتل
نفساً عمدا مع سبق الإصرار على ذلك أو الترصد يعاقب بالإعدام".
عرف قانون العقوبات في
المادتين:
231 تعريف للإصرار: "القصد المصمم عليه قبل الفعل لارتكاب جنحة أو جناية يكون غرض المصر منها
إيذاء شخص معين أو أي شخص غير معين وجده أو صادفه سواء كان ذلك القصد معلقا على
حدوث أمر أو موقوفا على شرط".
المادة 232 تعريف الترصد: "تربص الإنسان لشخص في جهة أو جهات كثيرة مدة من الزمن طويلة كانت أو قصيرة
ليتوصل إلى قتل ذلك الشخص أو إلى إيذائه بالضرب ونحوه".
القتل الخطأ:
نصت المادة 238 على "أن من تسبب خطأ في موت شخص بأن كان ذلك ناشئًا عن إهماله أو
رعونته أو عدم احترازه أو عدم مراعاته للقوانين والقرارات واللوائح والأنظمة يعاقب
بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تتجاوز مائتي جنيه أو بإحدى هاتين
العقوبتين".
في نهاية موضوعنا قد تحدثنا عن تعريف كلمة الحدود من حيث
اللغة والشريعة، ذكرنا حدود الإسلام واستشهدنا بالقرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة، وتحدثنا أيضاً عن
الحدود القانونية وذكرنا أهم الجرائم انتشار في مجتمعنا والمشتركة بين الشريعة
والقانون، والنصوص القانونية التي وضعها المشرع، إن الحدود التي توضع تكون للحفاظ
على التوازن في المجتمع وتحقيق العدالة والمساواة.
أقرأ أيضاً عن مفهوم القانون الشرعي والقانون الوضعي.
تعليقات
إرسال تعليق
شاركنا بتعليقاتك