تلفت نظري العلاقات الإنسانية، صداقة كانت أو زواج، أو حتى علاقات العمل ذات المنفعة المتبادلة. وأكثر ما يشدني وأقف عنده أن أرى ودا وتناغما بين طرفي تلك العلاقة. أتساءل كيف لشخصين مختلفين، قطعا الاختلاف قائم في الأفكار، والقناعات، والطبائع، ولكن على الرغم من ذاك الاختلاف، تستشعر وكأنهم كياناً واحداً، يعزفون نفس اللحن دون نشاز أو خروج عن الدوزنة.
وعليه تذكرت حديث سيد الخلق، سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، حينما وصف ذلك قائلا "أن الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها إئتلف وما تناكر منها اختلف". نعم، فكما يقال' القلوب عند بعضها"، ولا سيما القلوب الصادقة التي تطير قاصدة عشا آمنا،ما هو إلا قلب صادق لتلك القلوب المهاجرة، فتسكن فيها وتأمن على نفسها.
ولكن من أن يتأتى ذلك الأمان والتناغم، هل فقط مشاعر الحب هي من تؤلف تلك القلوب! لا شك أن تحب وتشعر بعاطفة تجاه ذلك الذي بادلك إياه، ولكن أرى أن تلك الراحة والسكينة تنبع من شعور أعمق وأطهر، إنها الألفة.
والألفة كما قال الغزالي هي ثمرة حسن الخلق؛ وحسن الخلق يتجلى في لسان ينطق طيب الكلام، وطبع هين لين سهل المراس، ويظهر بازغا في قلب يحب الخير لأقرانه وينشر المحبة والود أينما حل وأقام، فذلك من يألفه الناس وتستأنس به.
الألفة أن تكون مأمون الجانب، لا تخون ولا تغدر، صادق مع نفسك، وعليه سيصدقك من حولك. وإن جرت المقادير ووقع الخلاف واشتد وطال، فلا سبيل لتنافر أو تشاحن قلوب تألفت بقدرة الله دون حول منا ولا قوة.
ربما تكون الحياة صعبة وأحياناً تستحيل علينا، فلا يهونها إلا وليف ذو قلب خفيف؛ سهل المعاشرة، ورفيق في العتاب، ولين في الخصام، فلا يشقيك ولا يبكيك، بل يسعدك ويدعو لك، فما أجمل تلك الحياة في ظل قلوب وارفة متألفة، تهون مشقة المسير، فتقصدها باغيا الراحة والسكينة، فتغدق عليك بفيض بخيرها، فاللهم ارزقنا تلك القلوب، وهذا خير الرزق من الرزاق.
تعليقات
إرسال تعليق
شاركنا بتعليقاتك