التطوع وأثره على الفرد والمجتمع
ما هو التطوع؟
التطوع هو عمل غير ربحي يتمثل في تقديم عمل غير مدفوع بإرادتك واختيارك، وهو عمل غير وظيفي يقوم به الإنسان رغبة في تحسين حياة الآخرين ورضا الله -عز وجل-.والعمل التطوعي لا يقتصر على جنس أو لون أو مستوى معين بل كل من يمتلك القدرة على العطاء يستطيع أن يتطوع في أي مجال يناسبه.
والعمل التطوعي لا يتوقف عند حد معين بل يمتد ليشمل مختلف مجالات الحياة، ويشمل كل فئات المجتمع، من أجل الحفاظ على الحقوق الأساسية لكل فرد من مأكل ومشرب وملبس ومسكن وكذا التعليم والصحة وغيرها.
وبهذا فإن العمل التطوعي يتعدى بكثير المفهوم التقليدي للعمل الخيري، فلا يتوقف عند مساعدة بعض الفئات المستضعفة، مثل: الأيتام والأرامل والمعاقون والمشردون، بل يمتد ليشمل العديد من الفئات المختلفة، ولا يتوقف عند المساعدات المالية والعينية فقط، بل يهتم كذلك بالدعم النفسي والتراحم وبث روح الأمل في كل أفراد المجتمع.
أنواع التطوع:
التطوع المالي:
وهو التبرع بجزء من المال من أجل مساعدة الفقراء والمحتاجين، وذلك عن طريق تقديم المال لأسر بعينها أو تقديم المال للجمعيات الخيرية وهي تختار من حيث الأولوية.والعديد من الجمعيات الخيرية تفتح باب التبرع النقدي من أجل جمع المساعدات المادية للقضاء على الفقر.
التطوع وقت الإغاثة والأزمات:
وقت الأزمات والنكبات والحروب يحتاج المتضررون إلى من يمد لهم يد العون، فيساعدهم لكي تنكشف عنهم هذه الغمة.وفي هذه اللحظات تتجلى كل ملامح الإخاء والتراحم بين طبقات المجتمع.
التطوع عن بعد:
بعد ظهور وانتشار الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي أصبح من السهل تقديم المساعدة والتطوع في العديد من المجالات من المنزل، كالتعليم وتقديم المشورة، وتسجيل الكتب للمكفوفين وغيرها.التطوع المؤقت:
وهو التطوع في أوقات العطلة والإجازات الصيفية وشهر رمضان، مما يتيح الفرصة لكل الفئات أن تشارك في التطوع وفقا لأولوياتهم.التطوع الدائم:
هو التطوع بشكل مستمر، فهناك من لا يقتصر عمله الخيري وتطوعه على وقت محدد بل يفضل دائما أن يكون على تواصل مستمر مع كل من يحتاج المساعدة.التطوع في الدول الفقيرة:
فلا يقتصر التطوع على الدائرة المحلية أو الدولة، بل يمتد أفق التطوع فيشمل العالم بأسره. خاصة الدول الفقيرة حيث يظهر فيها نقص عام في مستوى التعليم والصحة وغيرها الكثير.التطوع التعليمي:
يهتم بنشر العلم والمعرفة، ومحو الأمية وتعليم الأطفال. ويسهم التطوع التعليمي في تقديم فرص للأفراد لاكتساب مهارات قيمة.ولا يتوقف التطوع التعليمي عند تحسين مستوى التعليم، بل يهدف لبناء جسور التواصل والتعاون من أجل النهوض بالمجتمع.
التطوع الثقافي:
يهتم التطوع الثقافي بالتوعية بقضية معينة، مثل: الحفاظ على البيئة والاستدامة وحماية التراث.ويبرز دور التطوع الثقافي كوسيلة لتعزيز التواصل بين الحضارات والأشخاص من مختلف الثقافات، وكذلك احترام الثقافات الأخرى. وبذلك فإن المتطوع الثقافي يصبح جسرا بين الحضارات والثقافات المختلفة، فلا بد من أن يتسم بالانفتاح وتقبل الآخر وعدم التحيز.
التطوع المهني:
وهو التطوع في مجال التخصص والمشاركة بالوقت والخبرات في سبيل تحسين المجتمع، وفي هذا النوع يساهم المتطوع بتقديم الخدمات المهنية التي يتقنها بشكل غير مدفوع، مما يمثل أسلوبا فعالا في بناء مجتمع أقوى.مستويات العمل التطوعي:
التطوع العام:
وهذا النوع لا يحتاج إلى مهارة أو خبرة أو شهادة معينة، وأي فرد يمكنه المساعدة فيه، ويمكن أن يلتحق بها عدد كبير من المتطوعين، مثل: تنظيف الشواطئ، والزراعة، وتوزيع الطعام على الفقراء، ورعاية كبار السن، وتنظيف البيئة.التطوع المهاري:
وهو توظيف المهارات والخبرات الشخصية لصالح الآخرين، ويتطلب مهارات معينة مثل الرسم، الحاسب، الترجمة، بغض النظر عن الشهادة والخبرة كل ما يهم هو أن تكون لديه المهارة.التطوع التخصصي (المهني):
فوائد العمل التطوعي:
أولا: فوائد العمل التطوعي للفرد:
- .زيادة الثقة في النفس.
- الشعور بالرضا عن الذات.
- إقامة علاقات اجتماعية مفيدة.
- التعرف على المهارات الكامنة غير المستغلة.
- اكتساب مهارات جديدة كالعمل الجماعي والتفكير الناقد والتخطيط واتخاذ القرارات.
- استثمار وقت الفراغ بشكل جيد.
ثانيًا: فوائد العمل التطوعي للمجتمع:
- نشر روح التسامح والتراحم في المجتمع.
- مساعدة ودعم الحكومة والدولة.
- تقديم الفرصة للمواطنين للتدرب على اتخاذ القرارات والمساهمة في الأعمال المختلفة.
- بث روح العمل الجماعي ومساعدة الآخرين.
مجالات العمل التطوعي:
1. الطب:
يعاني عالمنا الآن من العديد من التحديات الصحية المختلفة والحاجة الملحة للرعاية الطبية خاصة في الدول الفقيرة واتضح ذلك بعد انتشار جائحة كوفيد 19، وهنا يبرز دور التطوع في مجال الطب كسبيل فعال في تحسين مستويات الصحة وتقديم الرعاية للمجتمعات المحتاجة.
ويشمل التطوع في مجال الطب مجموعة مختلفة من الأنشطة، مثل: تقديم الخدمات الطبية الأساسية كالفحص الطبي وتقديم الإرشادات الطبية والتوعية الصحية ونشر الوعي الصحي.
ويجب على الطبيب أن يقدم الرعاية الصحية المناسبة للمريض بغض النظر عن جنسه ولونه ومعتقداته. وعليه أن يحسن استخدام الموارد الصحية ويتجنب صرف الأدوية أو العمليات غير الضرورية.
2. رعاية كبار السن:
وتشمل أنشطة التطوع لرعاية كبار السن مجموعة متنوعة من الأعمال، مثل: مساعدتهم في العناية بالمنزل، والخروج معهم للتنزه، وتوفير الدعم النفسي والعاطفي لهم.
وكذلك فإن هذا النوع من التطوع يتيح فرصة جيدة للشباب للتعرف على خبرات الكبار وبناء علاقات قوية معهم.
3. رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة:
بدلا من ترك ذوي الاحتياجات الخاصة يعيشون في معزل عنا، لا بد من أن نعمل على دمجهم في المجتمع، وذلك عن طريق دعمهم ومساعدتهم وتعزيز شعورهم بالانتماء وتقديم الدعم الشخصي لهم والمساعدة في الأنشطة اليومية، مثل: الرعاية الصحية والتنقل، وتسجيل الكتب الصوتية وإعداد العديد من الكتب بطريقة برايل لمن فقد حاسة الإبصار، وتوفير المعينات السمعية لكل من فقد حاسة السمع وكل ذلك وغيره من سبل مساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة.4. تعليم الأطفال:
لا بد من تقديم الدعم والتوجيه للأطفال الذين يواجهون تحديات في مسار تعلمهم، وكذلك يجب الالتزام بتوفير فرص التعليم الجيدة لجميع الأطفال، بغض النظر عن مستواهم الاجتماعي والاقتصادي، وكذلك لا بد من إتاحة الفرصة للأطفال للتعرف على مواهبهم واكتشاف قدراتهم وإمكاناتهم الكامنة.وكذلك يمكن دعم الأطفال الفقراء عن طريق توفير الأدوات المدرسية ومصروفات المدارس والزي المدرسي.
ولا بد لمن يتطوع في مجال التعليم أن يتسم بالصدق والأمانة والقدرة على توصيل المعلومة والفطنة والحكمة والأناة.
5. محو الأمية:
وكذلك يجب الاهتمام بتعليم كبار السن والعمل على إتاحة سبل التعلم المناسبة لهم واختيار الوقت المناسب لتعليمهم خاصة أن نسبة كبيرة من هذه الفئة لديها عمل بالفعل ولا يمكنها الانقطاع عنه للتعلم.وكذلك لابد من العمل على رفع مستواهم الثقافي والفكري ليكون لهم دور فعال في المجتمع.
6. تأهيل العاطلين عن العمل للحصول على وظيفة مناسبة:
لابد من مساعدة وتأهيل العاطلين عن العمل وتدريبهم على ما يناسبهم من الحرف والمهارات ورفع كفاءتهم وقدراتهم ومساعدتهم في الحصول على الوظيفة المناسبة.نماذج مضيئة في العمل التطوعي
أولًا: في المجتمع العربي:
1. الدكتور عبد الرحمن السميط:
بدأ عمله التطوعي عندما كان في المرحلة الثانوية، جمع المال مع بعض أصدقائه وقاموا بشراء سيارة، واستخدموها في توصيل العمال البسطاء إلى أماكن عملهم ومنازلهم دون مقابل.وفي المرحلة الجامعية خصص جزءا كبيرا من مصروفه لشراء الكتيبات الإسلامية ثم يوزعها على المساجد. وازداد عمله التطوعي بعد أن أصبح طبيبا، فكان يزور المرضى باستمرار ويسأل عن حالتهم الاجتماعية وظروفهم الأسرية والاقتصادية، ويسعى في قضاء حوائجهم.
كما استطاعت جمعية العون المباشر التي يترأسها الدكتور عبد الرحمن السميط من بناء 1200 مسجد في إفريقيا وحفر 2750 بئرا وبنى 124 مستشفى ومستوصفا وكذلك وزع نحو 160 ألف طن من الأغذية والملابس والأدوية.
2. لجنة رعاية الجرحى الفلسطينيين:
واحدة من أهم اللجان التي انتشرت في مصر لمساعدة المتضررين من النكبة الفلسطينية، وتستقبل هذه اللجنة الجرحى الفلسطينيين وتعالجهم في مستشفى معهد ناصر، ويقوم على رعاية هؤلاء الجرحى متطوعون معظمهم من طلاب الجامعات، كذلك يستقبل هؤلاء المتطوعون التبرعات من أجل شراء الأجهزة التعويضية للجرحى.3. ماجي جبران:
رشحت لجائزة نوبل للسلام مرتين ولقبت بالأم تريزا المصرية. في عام 1989 قررت أن تتفرغ للعمل الإنساني، ورسخت مفهوما جديدا للتطوع حيث أفنت 3 عقود من عمرها للعمل الإنساني والخيري، بدأت بتوزيع الطعام والملابس على بعض الأسر المحتاجة من خلال جمعيتها (ستيفنز تشيلدرن) التي أصبحت ترعى وتدعم نحو 30 ألف أسرة الآن.4. هبة راشد:
اهتمت بالرعاية الصحية لمحدودي الدخل، وبعد 10 سنوات من تطوعها استطاعت تأسيس جمعيتها "مؤسسة مرسال" لعلاج المرضى غير القادرين، وقدمت مؤسسة مرسال الدعم لمرضى الجذام ومرضى فينيل كيتونوريا كما قدمت دعما غير مسبوق لمواجهة كوفيد 19، ووفرت عشرات الآلاف من العمليات الجراحية، مثل: زراعة الكبد والقوقعة وعمليات القلب المفتوح، كما تقدم الدعم المستمر لمرضى السرطان.ثانيًا: في المجتمع الغربي.
1. الأم تريزا:
2. أنجلينا جولي:
تدعم أنجلينا جولي العديد من اللاجئين، كما تدافع بشدة عن حقوق المرأة، وتهتم بالعديد من القضايا الإنسانية. وتعرف بأعمالها الخيرية الكثيرة حيث تبرعت بمبالغ كبيرة دعما للفقراء في بلاد مختلفة.معوقات العمل التطوعي:
من المعيقات التي تحول بيننا وبين الاستفادة من دور التطوع ما يلي:.1. غياب الفهم الصحيح لأهمية وقيمة العمل التطوعي وأثره على المجتمع.
2. استغلال بعض المؤسسات الخيرية للمتطوعين وعدم وضع قوانين تحدد علاقة المتطوع بالمؤسسة الخيرية.
3. التحرك البطيء لبعض الجمعيات والمؤسسات الخيرية.
4. عدم توافر برامج لتدريب المتطوعين خاصة في مجال الإغاثة من الكوارث.
5. عدم التنسيق بين الجمعيات والمؤسسات المختلفة.
6. الافتقار إلى روح الفريق التي تبث الحماس.
7. تراخي المتطوع وتهاونه فيما أسند إليه من عمل.
8. عدم وجود أهداف واضحة ولوائح وأنظمة للعمل التطوعي.
9. غياب التخصص في العمل التطوعي.
10. عدم إتاحة الفرصة للمتطوع لاختيار ما يناسبه.
11. التغافل عن دور وسائل الإعلام في نشر الوعي حول العمل التطوعي.
12. عدم قدرة بعض المؤسسات على استقطاب الكفاءات مما يؤدي إلى انهيار المؤسسة خلال وقت قصير.
تعليقات
إرسال تعليق
شاركنا بتعليقاتك