القائمة الرئيسية

الصفحات

الشعر الحديث:

هو كل شعر جاء بعد عصر الانحطاط و الخلافة العثمانية وكان ذو هدف و معنى و خرج عن موضوعات الشعر التقليدية القديمة و بث الروح في القصيدة العربية.


بدايات الشعر الحديث:

أثّر الحكم العثماني بشكل كبير على الشعر العربي؛ تداوله و اتساع نطاقه وتناقله، كما ازداد عدد المتعلمين للغة الفارسية و التركية و هذا بحد ذاته كان عاملاً مهماً أدى إلى دخول شيء من الخيال التركي و المفاهيم الغربية على القصيدة العربية الأصلية وهذا لا ينفي أيضاً تأثر الشعراء الأتراك بالأدب العربي و محاولة تقليده.
وبهذا تكون تلك التغيرات هي اللبنة الأولى في جدار القالب الجديد و التغيير البدئي و الحس الفرنجي على الكلمة العريية عموماً و على الشعر خصوصاً.

النهضة العربية:

ظهرت فيما بعد حركة التنوير العربية أو ما يعرف ب النهضة العربية.
حيث أن الحملات الفرنسية ل نابليون بونابرت لفتت أنظار العربي لآفاق حضارية كانت أحجبتها العثمانية، هذا ما ساهم في إدراك العرب لما يحيطهم من مخاطر و يهدد أرضهم من قبل تلك السيادة و نادو بالتحرر و سعوا لنيله و أججو مشاعر الوحدة العربية و كان النهوض باللغة و انتشالها بعد ما مر عليها الكثير من التحريف و التهميش في عصر الانحطاط مطلباً حقيقاً و هدفاً للأدباء الذين نشطوا في تلك الثورة. 
و نلاحظ فيها اختلاط الأدب العربي بالآداب الأخرى و تفاعله معها و الجهود في إعادة إحياء اللغة .
تتالت التطورات و التحديثات في الشعر العربي وتنوعت التبدلات التي طرأت عليه مع كل حدث زمني و آخر بداية بالنهضة العربية مروراً بالحملات الفرنسية الثورة العربية الكبرى و الثورة المصرية..
أضيفت المحسنات البديعية و الخيال و التصورات و في الوقت عينه حاكى الشعر الحديث الواقع و لوحظ استخدام الأسلوب الساخر و الخروج عن الوزن الواحد و عدم اتباع قافية موحدة كما أن موضوعات العشيرة و الافتخار باسم العائلة و التكني بالقبيلة و المدائح للسلاطين و السادة جميعها تم اختفاؤها من أفكار الشعر الحديث و حل بدلاً عنها التحدث عن حال العامة و هموم الناس و برزت القصيدة الدينية بشدة، أما عن الغزل و الهوى فهما موضوعان لا يتجزآن عن مفهوم الشعر بحد ذاته فلا يمكن تجاهل حتمية تواجدهما.

أبرز شعراء الشعر الحديث: 

محمود البارودي 

شاعر مصري ساهم في حركة الثورة العربية و لمع اسمه في الأدب الحديث لُقب برائد الشعر الحديث ويقال أنه أول من خطَّ مقدمة لديوان شعر في العصر الحديث.
حاول في شعره اتباع قواعد الشعر العربي إذ أنه حافظ على الوزن و التفعيلة مضيفاً نكهة الحاضر و الحداثة بأسلوب عصري ميزه عن غيره كما له دور مهم في الشعر المسرحي .
من أبياته :
حزْنٌ بَرَانِي، اشواق رَعَتْ كبدي
ويحَ نفسي مِنْ حزْنٍ وأشْواقِ 
أُكَلِّف النَفْسَ وهي جَازِعَةٌ
والصبر في الحبِ أعيا كُلَّ مُشتاقِ

نميل مِن الدنيا إلى ظلّ مزنة 
لها بارق فيه المنية تلمعُ
وكيف يطيبُ العيش والمرء قائمٌ
عَلَى حذر من هول مَا يَتَوَقَّعُ
بِنَا كُلَّ يَوْمٍ لِلْحَوَادِثِ وَقْعَ
وتسيل لَهَا مِنَّا نُفُوسٌ وَأَدْمُعُ

أحمد شوقي : 
بعد أن مهد محمود سامي البارودي لبدايات الشعر الحديث تقدم أمير الشعراء أحمد شوقي على خطاه ليكون اسماً لا يمكن ألا نذكره في حديثنا عن القصيدة الحديثة . 
رغم أن البارودي ساهم في الشعر المسرحي لكن تأسيس الشعر المسرحي بشكل عام يعود للشاعر أحمد شوقي .
أضاف شوقي للشعر الحديث كنوزاً لا نزال ننهل منها حتى الآن منذ شعره الأولي وهو في أرجاء القصر الذي حافظ فيه على أوزان الشعر القديم العامودي و وحدة القافية وصولا بالشعر المسرحي و الغنائي وهو ما لفت انتباه الموسيقين و المطربين ليتخذو من قصائده أغانٍ خلدها الزمن، إضافة إلى القصائد الدينية العذبة الني نظمها شوقي المليئة بالقداسة و الطهر ، أما أهم ما قدم فهو شعره الواقعي الثوري الذي يحكي معاناة الشعب 
و يصف أحواله،
شكلت إقامته في إسبانيا و معاينته للحضارة الأندلسية عن كثب نقطة تحول جذرية في شعره .. حيث التفت إلى العامة و تقصى اوجاعهم و تكلم بلسان قوي عن حقيقة حياتهم.
وبهذا يكون شوقي نجماً لامعاً وضع أسس الشعر الحديث و انهل من الحضارة الغربية و نسقها و قدمها بأسلوب يحاكى المجتمع العربي و يناسبه .

من أبياته :

الناسُ صنفانِ مَوتى فِي حيَاتِهِم
 وآخرُون بِبَطنِ الأرضِ أحيَـــاءُ

من مسرحية عنترة
سَلي الصبْحَ عنِّي كيف يا عبل أصبحُ
وأين يراني نجمه حين يلمحُ
أفي خَيْمتي كالناس أم في بُيوتكم
أَبُثُّ خيام الشوْقَ وهْو مبرِّحُ 
أُقبِّلُ أَطنابَ البيوت وَرُبما
تلفَّتُّ عن مُنْهلَّة الدمع تَسْفَحُ
أرى بوقُوفي في ديارك راحةً
كما يستريح ابْنُ السبيل المُطَرَّحُ
أبوك غريرُ القلب لم يعرف الهَوى
ولم يَدْر ما يأسُو القلوبَ ويَجْرَحُ

وُلِـدَ الـهُـدى فَـالكائِناتُ ضِياءُ
وَفَـمُ الـزَمـانِ تَـبَـسُّـمٌ وَثَناءُ
الـروحُ وَالـمَـلَأُ الـمَلائِكُ حَولَهُ
لِـلـديـنِ وَالـدُنـيـا بِهِ بُشَراءُ
وَالـعَـرشُ يَزهو وَالحَظيرَةُ تَزدَهي
وَالـمُـنـتَـهى وَالسِدرَةُ العَصماءُ

حافظ ابراهيم: 
شاعر النيل رمز من رموز حركة التحرر و النهضة العربية . تميز شعره بالرزانة و القوة رغم حداثته و روح الثورة فيه، لم يسلك حافظ كثيراً  مسلك الخيال و الصور الإبداعية بل اعتمد على المخزون اللغوي الزخم للغة العربية وكان شِعره انعكاساً لروح الناس و همومها.
حافظ على قوة اللغة و جزالتها و وحدة القافية و التفعيلة و من أبرز أبياته :

رجعتُ لنفسي فاتّهمتُ حُصاتي
وناديتُ قومي فاحتسبت حياتي
رموني بعُقم في الشّباب وليتني
عقمتُ فلم أجزع لقول عداتي
وُلدتُ ولمّا لم أجد لعرائسي
رجالاً وأكفاء وأدت بناتي


متى أرى النّيل لا تحلو موارده
لغير مرتهب لله مُرتقِبِ
فقد غدت مِصرُ في حال إذا ذُكرتْ
جاءت جُفوني لها بالّلؤلؤ الرّطبِ

بدر شاكر السياب: 
الشاعر الذي برز في قلمه الإبداع و استطاع مجاراة العربية بفضل قدراته و موهبته الفذة محافظاً على رصانة المفردات وعلى الفصحى العربية .
ومن أبياته:
 
أنا أيها الطاغوت مقتحم الرتاج على الغيوب
أبصرت يومك و هو يأزف هذه سحب الغروب
يتوهج الدم في حفافيها و تنثر في الدروب
شفق البنفسج و الورود و لون أردية الضحايا
فتشع أعمدة عوابس و الرصيف من الصبايا




ألايأكل الرعب منا الضلوع
أذا ما نظرنا ألى ظل تينه
فلاحت لنا من ظلام قلوع
تهدهدها غمغمات حزينه
ألايأكل الرعب منا الضلوع
ألاتتحجر منا العيون
أذا لاح في الليل ظل البيوت
هزيلا كما ينسج العنكبوت
ألا تتحجر منا العيون
و يلمع فيها بريق الجنون
و بألامس كنا يذيب العناق
دما في دم

حركة شعراء الديوان:
بالرغم من أن الشعراء الذين سبق ذكرهم أمثال البارودي و شوقي قد أبحروا في مركب التطور و غرفوا من وعاء الغربية و الحداثة؛ إلا أنهم لم يخرجوا عن قالب القصيدة العربية و وحدة قافيتها و عاموديتها، و ممن كان لهم رأي آخر في ذلك الأسلوب هم :
 شكري و المازني و العقاد وسمّوا ب شعراء الديوان .
انتقدوا رتابة الشعر عند البارودي و شوقي وعاموديته،
دعوا للتجديد في الشعر العربي وارتكزوا على الأدب الإنكليزي وتفاعله مع أدبنا.
أبرز ما تميزت به مدرسة الديوان هو:
الشعر الغنائي و الذاتي المعبر عن أحاسيس الشاعر وما يختلج في ذاته و كانت أقرب للرومنسية منها إلى الواقع.
من أبيات شكري : 
يا فتاةَ الحيِّ قومي فاسمعي
 قصةً تقتل أطماعَ الهوى
قصة ذات اعتبار آخذ
بصميم اللبِّ يقريه الهدى
غَضِبَ الجبارُ كسرى غضبةً
 فنما من شره ما قد نما
غضبة ذات وعيدٍ رائع
ترك العرب كأَطيار العرا
ترك العربَ على عزتها
تبتغي المنعةَ ما بين الربى
أرسل الغارة في ذي مِرَّة
 ينزع الغلَّ بتقطير الدما
يفقد الطرف لديه لحظه
ويضل السيف فيه والقنا
رامَ أمرًا لم يَرُمْه غيرُه رُبَّ
باغٍ نال أطراف المنى
فرمى العرب بعزم ناقمٍ
ذي اغتيال لم يمانعه حمى


من أبيات المازني :
مسافة الشمس دون أقربه
وإن دعونا أعارنا أذنه
القلب قبرٌ وأنت ساكنه
لا يبرح القبر ميتٌ سكنه
ما مر يومٌ بما يصرفه
إلّا جعلناك فيه ممتحنه
أو راقنا ثوبه ونضرته
ألا رأينا في ثوبه كفنه
آليت لا يستخفني أملٌ
في الغد أو تستغرني حسنه
الدهر لولا الآمال مشتبهٌ
والمرء في نسفه يرى زمنه


من أبيات العقاد :

أتمنى يومًا لو ان حياتي
تنقضي كلها ولا أتمنى
أتمنى وقد أطلت التمني
لو تعلمت كيف لا أتمنى
أتمنى لو علمتني الليالي
باطل الأمر قبل أن أتمنى
منية لو تحققت لتساوى
ما تملكته وما أتمنى

وغيرهم الكثير ممن رموا سهامهم في حائط الحداثة و التطور و رفعوا أقلامهم في وجه طمس العربية ، مثل: 
الشاعر معروف الرصافي 
عمر أبو ريشة 
جبران خليل جبران
نزار قباني
محمود درويش.



نهايةً فإن اللغة العربية و الشعر العربي مادة دسمة فرضت وجودها بحتمية في كتب الأدب العالمي و أثبتت أن اللسان العربي كان الأبلغ و الأفصح قديماً و حديثاً .
ولكل زمان ميزاته و مجتمعه الذي بالضرورة يضع موضوعات الأدب و رسالة الشعر و قد أفلح الشعراء العرب في كل حقبة زمنية سرد الواقع و الخيال بطريقة لفتت انتباه الناس و خلدتهم في أبرز صفحات التاريخ .

تعليقات

التنقل السريع