كرَّم الله - تعالي - النفس البشرية وأعزها وفضلها عن سائر المخلوقات، فالله - تعالي - يريد للإنسان نفس قوية، فعَّالة، ناجحة. ويُمكن للإنسان أن يُحقق ذلك عن عندما يُحب نفسه بشكل صحي، صحيح ومتوازن.
فمن هي نفسك وكيف تحبها وتُطوِّرها؟ وماهي أضرار عدم حُبك لنفسك؟
من هي نفسك؟
نفسك هي إنسان يسكُن بداخلك تستطيع التعامل معاه والتحكُم فيه بأفكارك وعلمك ومبادئك، وبداخلك يسكُن 3 أنفس: النفس الأمارة بالسوء، والنفس اللوامة، والنفس المطمئنة.
لماذا لا تحب نفسك؟
في بيئتنا لم نُربي علي حب الذات وتقديرها بالشكل الكافي، بل تم تربيتنا علي أن حُب الذات والإهتمام بأنفسنا هو نوع من أنواع الأنانية.
فمن أسباب عدم حُب النفس:
-المقارنات، فللمقارنات دور كبير في عدم حُبنا لأنفسنا، فعندما كنا أطفال كنا نتعرض للمقارنات عن طريق الأهل مثل: ابن خالتك دخل طب وأنت دخلت صيدلة، بنت خالتك اتجوزت وخلفت وأنتِ قاعدة كدا، صاحبك خلص واشتغل وأنتَ لسه بتدوَّر علي شُغل.
-قضاء الكثير من الوقت علي وسائل التواصل الإجتماعي ورؤية أشخاص علاقاتها رائعة وتُحقق الكثير من الإنجازات والنجاحات فنبدأ بالمقارنة بينهم وبين أنفسنا والتقليل من ذاتنا.
-إهتمامك بنظرة الآخرين وحُكمهم والانسياق لما يتمنونه بدون الرجوع لنفسك ومبادئك في البداية يجعل منك شخص غير مُقدِر ومُحِب لذاته.
-ربط حب الذات والثقة بها بالشكل الخارجي وهذه من أكبر الخدع التي نتعرض إليها، فلا ننكر أن طبيعتنا البشرية تجعلنا نُحب أن نهتم بشكلنا الخارجي من منتجات عناية بالبشرة، والشعر وتنسيق الملابس، لكن كل هذا ليس له أي علاقة أو صِلة بحُبك لنفسك فحُب الذات يكمن من داخلك ليس من مظهرك.
أضرار عدم حُبك لنفسك؟
عدم حُبك لنفسك لن يؤثر علي أحد، بل لن يهتم به أحد في الأساس؛ لأنك الشخص الوحيد المسؤول عن نفسك.
عدم حُبك لنفسك يجعلك:
- تبحث عن أي نوع من أنواع الحُب في الحياة - حتي لو كان مُحرَم -
-تبحث عن التشجيع وأن يهتم شخص بجميع تفاصيل حياتك وهذا لايتواجد علي أرض الواقع، فلن يأتي أحدهم ويُمسك بيديك ويُخبرك بأنه سيُصلِح عيوبك أو سيُحقق أحلامك!
-لاتحترم ضعفك.
-شخص بلا شخصية أو مبادئ.
-إنسان خائن للأمانة، فنفسك أمانة اعطاها الله لك فيجب عليك صيانتها والحفاظ عليها وحُبها.
كيف تُحب نفسك في 5خطوات؟
-التعرُف علي نفسك:
في بداية الأمر أنتَ في حاجة للتعرُف علي نفسك ومحاورتها بشكل جيد وصحيح، ماذا تُحب وماذا تكره؟ ماهي إهتماماتها؟ ماهو شغفها؟ ماهي عيوبها ونقاط ضعفها وهل يُمكن معالجتها؟ ماهي مميزاتها ونقاط قوتها؟ هل هي راضية عن معاملتك لها؟ أن تُدرِك أسباب حزنها وسكونها، وأسباب فرحتها وسعادتها،…
يقول إي. إي. كامينجز:(أعظم تحدٍّ تقابله هو أن تكون نفسك أنت وسط عالمٍ يحاول فيه الجميع أن يجعلوا منك شخصاً آخر).
-تقبُل ذاتك كما هي:
لا تجعل حُبك لذاتك حُب مُرتبط بشروط كالشكل، والوضع المادي أو الإجتماعي أو غيرهم من الشروط والأحكام، فتعلم قبول شكلك كما أنتَ، وقبول ظروفك الإقتصادية والإجتماعية والحياتية كما هي.
يقول أحد الكُتَّاب:(كل ما نحتاجه هو الحُب) ولا اعتقد أن هناك علاقة تستحق الحُب أهم وأحق من علاقتك بنفسك - غير علاقتك بربك أولاً- فحب نفسك وافتخر بها في كل وقت ومكان فهي جيشك الوحيد.
-عبِّر عن حزنك وإحتياجاتك:
لكي تُشعِر نفسك بالرضا والراحة فأنت في حاجة إلي عدم كبت أو منع مشاعرك من الظهور، فمن المهم أن تُظهِر وتُفرِج عن نفسك بكُل ما يُحزنها أو يجعلها تشعر بالضيق، فتراكم هذه الأحزان ستتعدي في أحد الأيام طاقتك وقدراتك، فعبِّرعن حُزنك وضيقك، والطريقة الأمثل للتعبير هي اللجوء لله - سبحانه وتعالي - بالدعاء وأن يرفع عنك الحزن والضيق " إنما أشكو بثي وحزني إلي الله ".
-اجعل لنفسك حدودك الشخصية:
تعرّف علي أدوارك تجاه ربك وأهلك ونفسك وكُل من يُحيط بك.
كُن واعٍ بمبادئك الشخصية التي لاتتعدي حدود الله ولا تؤذي بها أحد، تعلم أن تقول " لا " لما لا يُناسب مبادئك، لا تُكن مُباح ولطيف أكثر من اللازم؛ لأن ذلك يؤذي نفسك ولا يجعلها هي أولاً.
-لا تهتم لنظرة الناس:
هُناك مثل شعبي يُردده الناس:(كُل اللي يعجبك والبس اللي يعجب الناس) ومع كامل إحترامنا لمن يُردد هذا المثل فهو مثل لا يمُس للواقع بصِلة؛ لأن (إرضاء الناس غاية لاتُدرك)، فمن حق كل شخص أن يفعل ما يناسبه ويعجبه هو ما دام لم يتعدي حدود الدين ولا يفعل ما حرمه الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم -
فلا تهتم؛ لأن بأي حال من الأحوال ستجد من ينتقدك، فافعل ما تُحِب وفقاً لشريعتك ومبادئك وحدودك الشخصية ولا تتردد في أن تُطوِّر من نفسك وذاتك؛ لأن حُبك لنفسك سيدفعك لتطور من نفسك.
كيف تُطوِّر من نفسك في 5 خطوات؟
-التعلُّم:
التعلُّم والتطوير وجهان لعملة واحدة؛ لكي تُطوُّر من نفسك يجب أن تتعلم، تتعلم عن كل شئ وتحديداً عن نفسك،عن مجالاتك وعن إهتمامك بنفسك.
-تكوين علاقات:
ابتعد عن كل شخص ينتقدك بشكل سلبي، يؤثر عليك وعلي نفسك، كل شخص يُحبِطك ويُعرضك للمقارنة مع غيرك، يؤذيك ويسخر منك، " لنفسك عليك حق " فمن واجبك نحوها أن تُبعدها عن مايؤذيها.
كوِّن علاقات مع أشخاص طموحة وناجحة، أشخاص تساعدك في الوصول لأحلامك وتعينك عليها، صادِق من يصارحك بلُطف ولين ويحفزك علي إكمال نجاحاتك، وتذكر" أنتَ نتيجة دائرتك " فاختار دائرتك بشكل صحيح وإيجابي.
-غيِّر نظرتك وتفكيرك:
كلما كنت مُحِب لنفسك وتشعُر بأنها جميلة سينعكس ذلك علي نظرتك للأمور فكما يقول الشاعر:"كن جميلاً، تري الوجوه جميلة"؛ فكلما شعرت بجمال حياتك والرضا عنها فذلك سيجعلك تنظر بإيجابية للحياة وتتجاوز ماهو سلبي أو تحوِّله لإيجابي.
-اهتم بجسدك ونفسيتك:
افضل استثمار هو استثمارك في نفسك، فاعتني بنفسك جسدياً ونفسياً عن طريق:
-ممارسة الرياضة، فالرياضة تجعلك تشعر بالنشاط والبهجة والإيجابية.
-حفِز نفسك عن طريق إستخدام العبارات التحفيزية مثل:" اليوم فرصة جديدة وأنا أُحِبُك ''، وإعادة صياغة الكلمات السلبية فلا تقُل:"أنا فاشل" بل قُل:" لم أوفق هذه المرة، سأحاول مرة أُخري ".
-اجعل الامتنان عادة يومية لك، فهو من أفضل العادات التي تؤثر إيجابياً بك.
-المراجعة الذاتية:
من المُهِم أن تقوم بمراجعة نفسك بشكل دوري عن ماذا تعلمت من الماضي ويمكن إصلاحه؟هل كان رد فعلك يتطلب ما فعلت أم بالغت! ماذا حققت؟ وما أهدافك الجديدة؟ هل أذيت أحد؟ هل أخبرت نفسك في هذه الفترة بأنك تُحبُها؟ مراجعتك لنفسك تساعدك في تطويرها وأخذ خطوات إيجابية نحو الأمام بشكل أكبر؛ لأن في هذا الوقت تكون مُدرِك لما فعلته وما لم تفعله وما يجب أن تفعله؟
في النهاية، أنتَ المسؤول الأول عن نفسك وعن كتابة صفحاتك فهل سيكون ما أنتَ وصفحاتك شاهدين لك أم شاهدين عليك؟
وتذكر أن حُب الذات دافع مهم للاستمرار في الحياة، فحب الذات يؤدي الي راحة.
تعليقات
إرسال تعليق
شاركنا بتعليقاتك