القائمة الرئيسية

الصفحات

 كلنا نعلم أن العشب على الجانب الآخر ليس أكثر اخضرارًا مما هو لدينا، ولكنّنا نتأمّل حديقة جارنا متمنين لو كانت لنا ما السبب؟ ولماذا نقارن حياتنا بالآخرين؟ ماهي آثار المقارنات؟وكيف نتحرّر منها؟

المقارنات
المقارنات

هذا ماسنكتشفه سويًا بعد قراءة مقالنا التالي:

أولًا:ماهي المقارنات؟

تعتبر المقارنات بالإنجليزي (comparisons ) سلوكًا فطريًا لدى جميع البشر تبدأ منذ أن نكون صغارًا. فترى الطّفل الصّغير يدخل في نوبة بكاءٍ لمجرّد أنّه رأى لعبة أخيه أكبرَ من لعبته ،أو أن صديقه يملك ما لا يملكه هو. 
وتستمر المقارنات في المرحلة الابتدائية ويبحث الطفل عن كونه الولد (الرائع) حيث يقارن لباسه وأدواته بزملائه، ثم تكتسب المقارنة زخمًا وتترسّخ في المرحلة الثانوية حيث الرّغبة في إثارة الإعجاب ومواكبة الموضة. 
ولا يختلف الأمر لدى البالغين حيث تظهر المقارنات بصورة الرّغبة في الحصول على عملٍ رائع والزّواج من شخصً مرغوب وعيش حياةٍ مثالية. وتعرّف المقارنة على أنها: عملية جمع شيئين أو أكثر (سواءٌ في الواقع أو في الفكر) وفحصها بشكل منهجي محددًا أوجه الشبه والإختلاف بينها.

ثانيًا:لماذا نقارن أنفسنا بالآخرين؟ 

المقارنات بين الناس
المقارنات بين الناس 

قد تتساءل أحيانًا عندما تقارن نفسك بأحد ما هل أنا فقط من يفعل ذلك؟ الجواب: قطعًا لا فالميل للمقارنة ديناميكية إنسانية تعبّر عن رغبة الإنسان في التعرّف على مكانه ضمن مجموعة ما. كيف يبدو أداؤه؟ وهل يحتاج إلى تحسيناتٍ أم لا؟ فالناس يقارنون أنفسهم بالآخرين باستمرار في الثروة والنجاح ،والسلطة، والتعليم. وتشير الدراسات إلى أن حوالي 10% مما نفكّر فيه ينطوي على مقارناتٍ بشكلٍ ما.
 ووفقًا لنظريّة المقارنة الإجتماعية التي طرحها لأول مرة عالم النفس ليون فيستينجر عام  1954 إن الناس لا يستطيعون معرفة أو تقييم أنفسهم بشكلٍ مستقل عن الآخرين، فهم يحدّدون موقعهم ومكانتهم الشّخصية والاجتماعية عن طريق مقارنتها بالآخرين. مثال: اللاعب الذي يدخل في فريق كرة السّلة بحاجةٍ إلى أن يقيّم أدائه بالنّظر إلى باقي أفراد الفريق كي يعرف هل يحتاج إلى تدريب ليطوّر مهاراته؟ أم أن مستواه جيد؟ 

يقيم الأفراد أنفسهم ويحددون تأثيرهم في هذا الكون عن طريق مقارنة أدائهم، وإمكاناتهم بما لدى الآخرين. وبالتالي تتيح لهم المقارنة العثور على إجابة عن سؤال وجودي هام وهو: من أنا؟

ثالثًا:ماهي أنواع المقارنات ؟

هناك نوعين من المقارنات :

1ـالمقارنات التصاعدية

وهنا نقيّم أدائنا الذاتيّ من خلال المقارنة بمن هم أفضل منا أو متفوقون علينا. وهدفها تحسين أنفسنا وتطوير قدراتنا من خلال الإلهام والتحفيز الذي يقدّمه لنا صاحب الأداء الأفضل. مثلًا: قد تُعجَب برئيسك في العمل ومهاراته القياديّة وإنجازاته وتقارن نفسك به كمحاولة للوصول إلى مستواه.

2ـالمقارنات التنازلية 

تركّز هذه المقارنات على جعلنا نشعر بالتّحسن من خلال مقارنة أنفسنا بمن هم أسوأ منّا حالًا، الأمر الذي يجعلنا نشعر بالتحسن تجاه أنفسنا. فنحن على الأقلّ أفضل من شخصٍ آخر. فمثلًا: قد تقارن أدائك في العزف على الكمان بأداء أقل عازفٍ مهارةً في الفرقة مما يجعلك تشعر بالراحة.
يقارن الناس أنفسهم بمن هم أفضل منهم حالًا عندما يبتغون التحسين والتطوير، ويقارنون أنفسهم بمن هم أسوأ عندما يريدون الشعور بشكلٍ أفضلَ.

وقد تُستخدَم كلّ من هذه المقارنات بشكلٍ سلبيّ أو إيجابي وفقًا لنتائجها. فقد تقود المقارنات التّصاعدية إلى الغيرة والشعور بالنّقص والتنافسية الشديدة، بدلًا من التّحفيز والتحسين. وقد تقود المقارنات التنازلية إلى الثّقة المبالغ بها وغير الواقعية بدلًا من جعلنا نشعر بالارتياح.

رابعًا:مستوى تقدير الذات والمقارنات

تتأثّر قدرتنا على التعامل مع المقارنات بمستوى تقدير الذات لدينا. فالأشخاص الذين يتمتّعون بتقديرٍ عالٍ لذواتهم يميلون إلى عقد المقارنات بشكلٍ أقل. وفي غالب الأحيان تجعلهم المقارنات يشعرون بالإلهام والتّحفيز لتحقيق أهدافهم. أما الأشخاص ذوي تقدير الذات المنخفض أو الذين يواجهون ضغوطًا كبيرةً حول أدائهم؛ فإنهم يميلون إلى إجراء مقارناتٍ سلبية لأنها تجعلهم يشعرون بالتّحسن. في حين أن المقارنات التّصاعدية تجعلهم يشعرون بالتوتر والتهديد.

خامسًا:هل المقارنات تفسد الحياة؟

وسائل التواصل الاجتماعي
تنقل وسائل التواصل الاجتماعي المقارنة إلى مستويات كبيرة وتجعلنا نشعر بالنقص اتجاه ما نرى


لا تعتبر المقارنات أمرًا سيئًا إلُا إذا استُخدِمَت بإفراطٍ، أوتمّ استخدامها بطريقةٍ سلبيّةٍ أو غير عادلةٍ، حينها قد تقود الشخص إلى الشعور بالإحباط والتعاسة.

1. المقارنات غير الدقيقة 

عندما تقوم بتقييم قدراتك وسماتك، وإمكانياتك من خلال مقارنتها بالآخرين، وحين تكون هذه المقارنات التي تجريها غير دقيقةٍ، فإنها قد تضعك في مواقفَ محرجةٍ بالنسبة لمستوى مهاراتك الحقيقي. مثال: قد تقارن نفسك بأصدقائك وتجد في نفسك اللّياقة والقوّة البدنيّة للمشاركة في مسابقةٍ للسباحة معتقدًا أنه بإمكانك النجاح. لكنّك تتفاجأ في يوم السّباق بأنك أقل لياقةً واستعدادًا من أصدقائك، والسبب تقييمك غير الواقعي أو المفرط في التفاؤل.

2.المقارنات تسبّب التّوتر

أظهرت الدّراسات أن الأشخاص الذين يقارنون أنفسهم بالآخرين، من الممكن أن يخلق ذلك لديهم شعورًا بالحماس والرغبة في العمل والتحسين. وبالمقابل قد يعانون من مشاعر عدم الرّضا، ونقص الكفاءة والغضب. وقد يدفعم هذا إلى سلوكيّاتٍ مدمّرةٍ كاضطرابات الأكل والكذب.
في المقارنات التصاعدية نحن معرّضون لانعدام الأمان والغيرة، وفي المقارنات التنازلية معرّضون للثقة المفرطة والغرور.

3.وسائل التواصل الاجتماعي و المقارنات

تُفاقِم وسائل التواصل الاجتماعي التي تَعرض حياة المشاهير ما لديهم و ما يملكون من خطورة المقارنات. فعندما نقارن حياتنا العاديّة بحياتهم المليئة بالحفلات والأحداث السعيدة ونمط حياتهم المرتفع وأجسادهم الرشيقة، نتساءل: هل نبذل مايكفي؟ هل نحن جيدون بما يكفي؟ الأمر الذي يجعلنا نشعر بالنقص وتدني تقدير الذات، وربما الوقوع في فخّ الإكتئاب.

سادسًا:مقارنة نفسك بالآخرين ليست سيئةً دائمًا

استفد من تجارب الآخرين الملهمة في بناء تطوّرك الشخصي

يمكن أن تساعدك المقارنات كوسيلة لقياس التطوّر الشخصي والمهني، فالطبيب بحاجة إلى أن يقيم أدائه وإنجازه من خلال مقارنته بغيره من الأطبّاء.
كما تساعدك المقارنات على بناء صورةٍ ذاتيّةٍ إيجابية من خلال الاستفادة من تجارب الآخرين الملهمة التي يشاركونها ومحاولة التماهي معها.
تساعدك المقارنات أيضًا حين تكون واقعيةً وغير متحيّزةٍ على معرفة ماينقصك من مهارات، أو ما تحتاج لتطويره للوصول إلى أهدافك.

سابعًا:كيف تتحرر من المقارنات؟

1.أعد توجيه بوصلتك إلى مايهمك فعلًا

ضع أهدافًا واقعيةً لك. ولا تكتفي بذلك بل حدّد الإجراءات والخطوات التي عليك أن تقوم بها لإنجازها، لأن ما يناسبك قد لا يناسب غيرك.

2.ابحث عن نموذجٍ ملهم 

للاستفادة من طرقه وأسراره في النجاح، وابتعد عن المقارنة مع صديقك المقرب إلى أحد المشاهير حتى لا تضع نفسك في منافسةٍ مرهقة.

3.قارن نفسك بأدائك السابق

احتفظ بقائمةٍ لإنجازك في السنة الفائتة كي تقارنها بما تحققه لاحقًا، وتقيس مدى تطورك وما الذي تعلمته منذ ذلك الحين؟

4.انتبه لما تملك

حين تحاول مقارنة نفسك بالآخر الناجح، أو المتميز انتبه لإنجازاتك ونجاحاتك ونقاط قوتك. وإذا كنت ممّن يشعر بالغيرة من نجاح الآخر؛ تذكّر أن من حقه إظهار نقاط قوّته أيضًا.

5.قلّل من استخدامك للسوشال ميديا

لأنها تحفّز المقارنات السلبية وغير الواقعية، كونها لا ترينا الصورة كاملة بل تركّز على جوانب الرّفاهية فقط من حياة الآخرين.

6.كن ممتنًا

أكتب قائمة بالأشياء التي تنعم بها وتجعلك ممتنًا؛ كي تبقى في حالة يقظةٍ وتركيز على حياتك بدلًا من حياة الآخرين.

7.كن أنت

ذكّر نفسك أنك كافٍ بما لديك من شخصية متفردة، وإمكانات كبيرة، وتجارب غنية في هذا العالم، وركّز على نقاط قوّتك ونجاحاتك.

وبكلمة أخيرة إن المقارنات سلوك طبيعي قد يدفع البعض إلى الشعور بالتحسن، وقد يدفع آخرين إلى الشعور بالّتنافس الشديد أو بالإحباط. ولكن تذكّر أنّ لا أحد يشبهك إنها رحلتك الخاصّة حاول أن تكون النسخة الأفضل من نفسك.





تعليقات

التنقل السريع